نون - بيعت الرسالة التي وجهها الفيزيائي الشهير ألبرت أينشتاين إلى رئيس الولايات المتحدة آنذاك، والتي حذر فيها من إمكانية تطوير ألمانيا النازية لقنابل نووية، في مزاد علني، وهي التي أدت إلى إنشاء مشروع مانهاتن وتطوير القنبلة الذرية.
وحذرت الرسالة رئيس الولايات المتحدة فرانكلين روزفلت في 2 آب/ أغسطس 1939، من جهود ألمانيا النازية لإحداث تفاعل تسلسلي نووي بإمكانية بناء "قنابل قوية للغاية"، وبيعت هذا الأسبوع بمبلغ 3.9 مليون دولار في دار المزادات العلنية كريستيز.
الرسالة هي وثيقة مطبوعة من صفحتين موقعة من قبل أينشتاين، ومرفق بها مذكرة مكتوبة بخط اليد بقلم رصاص، بحسب موقع "واينت" الإسرائيلي.
القنبلة الذرية، التي تم اختبارها بنجاح في ألاموغوردو، نيو مكسيكو في 15 تموز/ يوليو 1945، والتي استخدمت لأول مرة في الحرب بعد أقل من شهر في هيروشيما (6 آب/ أغسطس)، كانت تتويجًا لمشروع بحث سري ضخم ومطول شمل مئات العلماء والمهندسين والفنيين.
وهذا الإنجاز قسّم التاريخ الإنساني بشكل حاسم إلى عصور ما قبل الذرة وما بعدها، وكان مشروع مانهاتن نفسه نتيجة لجنة اجتمعت بأمر من الرئيس روزفلت في تشرين الأول/ أكتوبر 1939، وهذه المبادرة التاريخية جاءت كرد مباشر على رسالة أينشتاين، الفيزيائي النظري البارز في العالم والمناهض الشديد للحروب.
في هذه الرسالة كتب: "أحدثت الأبحاث الأخيرة في الفيزياء النووية احتمالية أن يصبح اليورانيوم مصدرًا جديدًا وهامًا للطاقة.. التجارب الجديدة التي أجراها إنريكو فيرمي وليو سيلارد، والتي أبلغتني بها كتابيًا، تجعل من الممكن الآن إقامة تفاعل تسلسلي في كتلة كبيرة من اليورانيوم، مما قد يحرر كميات كبيرة من الطاقة. يمكن استخدام هذه التفاعلات لبناء قنابل قوية جدًا، قد تكون ثقيلة جدًا بحيث لا يمكن نقلها بالطائرة، ولكن ليس من المستحيل نقلها بالسفن، وقد تؤدي قنبلة واحدة تنفجر في ميناء إلى تدمير الميناء والمنطقة المحيطة به".
ولم يكن الدافع وراء الرسالة من أينشتاين، بل من الفيزيائي المجري المولد ليو سيلارد، وهو تلميذ سابق لحائز على جائزة نوبل، الذي، مثل فيرمي وتيلر وأينشتاين وغيرهم من العلماء والباحثين الأوروبيين، تم نفيهم إلى الولايات المتحدة بسبب تهديدات العدوان والاضطهاد الأوروبي من قبل هتلر.
في الواقع، كان التعاون بين أينشتاين وسيلارد، المدفوع بمخاوفهما من استعدادات الحرب الألمانية والبحث النووي، قد أثمر عن رسالتين متطابقتين تقريبًا، كُتبتا على نفس الآلة الكاتبة ووقّعتا بنفس القلم من قبل أينشتاين.
الرسالة الحالية تستند مباشرة إلى المحتوى الذي أملاه أينشتاين بالألمانية، وبعد ذلك، قام ليو سيلارد بترجمة النص إلى الإنجليزية وأملاه بدوره على كاتبة في جامعة كولومبيا. لا شك أن هذه الرسالة هي الأكثر تأثيرًا في القرن العشرين.
واحتفظ ليو سيلارد بالنسخة الأصلية من تلك المراسلات التاريخية، وقد عُرضت للبيع إلى جانب رسالة مكتوبة بخط يد أينشتاين إلى سيلارد، تم إرسال الرسالتين إلى الرئيس روزفلت.
في النهاية، وبسبب هروب العلماء من الحكم النازي، عند استسلام ألمانيا في أوائل أيار/ مايو 1945، كان برنامجها النووي لا يزال بعيدًا جدًا عن التطبيق، أما أينشتاين، فقد ندم لاحقًا على مساهمته في تطوير القنبلة، ووصفها في رسالة إلى الكيميائي لينوس بولينغ بأنها "أكبر خطأ في حياته".